إذا حدث خلاف بيني وبين زوجي وأهانني وجرح مشاعري وتحدث معي بأسلوب غير لائِق، ثم طلبني للفراش، فامتنعت؛ إلا بعد اعتذاره عما بدر منه في حقي، خشية تكراره مرة أُخرى، ولأنني كنت أشعر بالإهانة والحزن.. فهل عليَّ إثم فيما فعلت؟
الـجـــواب
أولا: إذا لم يمنع الزوج عن زوجته شيئا من حقوقها الزوجية، ولم يلحق بها ضررًا أو تعديا فلا يجوز للزوجة الامتناع عن الجماع مع زوجها إلا لعذر شرعي أو مرض يتعذر معه الجماع، أو في حالة الضرر والمشقة الزائدة التي لا تحتمل عادة، وكذلك في حالة الخوف وغلبة الظن بوقوع الضرر والمشقة الزائدة لها من الجماع.
ثانيا: ينبغي حل هذه الأمور بين الزوجين بالمودة والرحمة لا على التنازع والتشاحن، فالأصل في الحياة الزوجية أن تكون قائمة على المودة والرحمة لا على التنازع والمشاحنة، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم: 21]، وقال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء: 19]، وأن تصدر تصرفات كل واحد منهما -خاصة التي تتعلق بحقوق الآخر- عن تراض ومحبة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى» أخرجه الترمذي في سننه.
وحَضّ الشرع على الرفق في معالجة الأخطاء، ودعا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الرفق في الأمر كله؛ فعن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
والحياة الزوجية لا تستمر على نسق سليم إلا بشيء من المسامحة والتنازل من كلا الطرفين، لأنها قامت على عقد من أغلظ العقود، قال تعالى فيه: {وأخذن منكم ميثاقا غليظا} [النساء:21] وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتسامح في البيع والشراء، ودعا لفاعله بالرحمة، فعن جابر بن عبد الله -رضى الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى» أخرجه البخاري في صحيحه، وهو عقد أدنى بكثير من عقد النكاح، فكان تسامح الزوج مع زوجته مندوبا إليه من باب أولى، والله أعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية