الرياء مشتق من الرؤية والسمعة من السماع، والرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس برؤيتهم خصال الخير. وقيل: الرياء هو أن تكون طاعة الإنسان بين الناس أحسن وأتم من طاعته في خلوته، وبعض أبواب الرياء أشد وأغلظ من بعض، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص الخلاص من هذين.
ومعنى قوله رحمه الله: أن من عزم على عبادة الله تعالى ثم تركها مخافة أن يطلع عليه الناس فهو مرائي لأنه لو كان عمله لله تعالى لم يضره إطلاع الناس عليه، ومن عمل لأجل أن يراه الناس فقد أشرك في الطاعة، وقد قال الله تعالى في الخبر الرباني: “أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملًا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك”.
والحاصل أن الباعث على العمل أي الحامل للشخص عليه إن كان لله تعالى فهو الإخلاص فإن تركه من أجل الناس فهو رياء والمخلص من أخلص لله تعالى ولم ير نفسه مخلصًا ولا رأى عمله مخلصا بل يثق برحمة الله تعالى ومتى رأى نفسه في مقام الإخلاص خيف عليه من العجب بل ينبغي أن يكون على وجل وإن كان الباعث له على العمل نظر الناس إليه والطمع في إكرامهم والقرب منهم فهذا محض الرياء وإن كان الباعث له الأمرين فظاهر الحديث أنه مردود عليه يحمله.
وقال السمرقندي: ما فعله لله تعالى قبل وما فعله للناس ردَّ، ومثال ذلك: من صلى الظهر وقصد بها أداء ما افترض الله عليه ولكن طولها وحسن أفعالها وأطال قراءتها من أجل الناس فأصل الصلاة منه مقبول لأنه بها في الأول وجه الله تعالى، وأما طوله فيها من أجل الناس غير مقبول لقصده به غير الله تعالى.
المصدر: فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب – حسن بن علي الفيومي.