لقد خلق الله -جل وعلا- الإنسان وأكرمه واصطفاه. يقول -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم ﴿يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ | الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ | فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ﴾، ﴿لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾. يتفكَّر الإنسان في عظمَة الخالق -جل وعلا- وينظر في إبداعه في خلق الإنسان. فسبحان الخالق المدبر.
والله -جل وعلا- يبتلي بعض عباده كما قال في سورة الأنبياء (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). ومن ذلك ما يبتلي به ربنا بعض العِباد ببعض الإعاقات في جزءٍ من بدنه، بعضو من الأعضاء؛ إما أن يتعطل هذا العضو أو شيء من منفعة هذا العضو. هذا نوعٌ من الابتلاء؛ كالأعمى والأصم والمشلول، وغير ذلك من الأمراض المتنوعة التي نراها ونشاهدها.
فعلى من قدر الله -جل وعلا- عليه هذا البلاء أن يتأمل أن هذا هو قدر الله. والإيمان بالقدر ركنٌ من أركان الإيمان الستة. فيرضى بقضاء الله وتقديره له. وهذه أرزاق يُقَسِّمُها الله -جل وعلا- كما يقسم الأموال والأولاد وغير ذلك من أمور الدنيا.
كذلك الصحة، هي من أرزاق الله. وعلى الإنسان أن يرضى. يقول حبيبنا عليه الصلاة والسلام «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه». اللهم صل على محمد وآل محمد.
فيرضى المسلم ويُسَلِّم بقضاء الله وقدره، وهذا أعظم أسباب راحة القلب وسكينة النفس. بل من أعظم أسباب السعادة والسكينة؛ الرضا بقضاء الله وقدره، والصبر على ما قدره ربه -جل وعلا- .
وإذا بُلي الإنسان بشيءٍ من أنواع البلايا وصبر؛ وتأملوا هذا الحديث العظيم الذي قال فيه حبيبنا عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه كما جاء في صحيح البخاري من حديث أنس. «إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه، فصبر؛ عوضته منهما الجنة». حبيبتيه: أي عينيه فصبر.
قال أهل العلم: هذا الحديث أصلٌ في كل بلاء، لا سيما من أصيب بالإعاقة بشيء من أعضائه. فإذا بُليَ الإنسان بذلك وصبر كان الجزاء من عند الله الجنة؛ نسأل الله الجنة ونعيمها.