نود أن نعرض لكم نموذجًا لحُكمٍ إسلامي، ما كان في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا في زمان الصحابة -رضوان الله عليهم-. بل جاء بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بزمانٍ طويل، بنحوٍ من تسعين سنة من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام.
ذلكم هو عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله ورضي عنه- الذي حكم بلاد المسلمين من سنة تسع وتسعين إلى سنة اثنين ومائة بعد الهجرة.
دامت مدة حكم عمر بن عبد العزيز وخلافته سنتين وبضعة أشهر. لماذا عمر بن عبد العزيز؟ لأن مدته يسيرة. لان إصلاحه عظيم. لأنه ما كان نبيا معصوما ولا كان صحابيًا من الصحابة الفضلاء -عليهم من الله رضوان-. وإنما هو رجل مسلم أخذ كتاب الله بقوَّةٍ وعمل على إصلاح ما فَسَد بعدما غاب حكم الإسلام وهدايته الراشدة عن كثير من مظاهر الحكم. جاء عمر -رضي الله عنه- فأحيا سُننًا وأمات بِدَعا وأقام حقا وأزهق باطلا، وزرع في الناس أملا بأن الإصلاح يُمكن أن يكون، وأن الذي ينوي فإنه يجد من الله العون.
عمر -رضي الله عنه- عند كثير من علماء الإسلام هو مُجدد القرن الأول. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
كان عمر -رضي الله عنه- على رأس المائة الأولى. ولذلك؛ كثيرٌ من علماء الإسلام يلقبونه بخامس الخلفاء الراشدين. ويقولون أنه أعدَل من حكم بعد صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.