كنت قد قرأت أحد أفضل الكتب في اصول علم النفس للدكتور أحمد عزت راجح، كان ذلك قبل سنوات وقد ساهم هذا الكتاب في تكوين التصورات الشخصية الأولية لهذا العلم، أعتقد أن الكتاب صدر في الستينات الميلادية وفي كل الأحوال هو كتاب قديم جدا.
قبل شهر قرأت كتاب مسارات إلى علم النفس للدكتور زكريا الشربيني وآخرون وهو صادر قبل نحو العام أو عامين، لا زلت أذكر الكثير من كتاب أحمد عزت راجح، ولكنني تفاجأت كثيرا بذلك التغير الهائل في التراث العلمي لعلم النفس.
زادت الكثير من الفروع العلمية، وزادت المعلومات في الكثير من الفروع كعلم نفس الجريمة، والإنجاز الأكبر لهذا التطور العلمي يكمن في تطور علم الأعصاب، والذي أفرد له المؤلفون فصلا كاملا، بحيث نرى الحديث عن نظرية التطور كأمر مسلم به، إنما بأمر الله حيث أن نظرية الخلق لا زالت لا تتجاوز الغيبيات “الميتافيزيقيا” سواء عند المؤمن أو غير المؤمن.
يقول أحدهم أننا لسنا بحاجة إلى علم النفس فنحن نفهم الناس بالخبرة، ولكن إذا قرأت هذا الكتاب سوف يكتشف كل واحد منا إلى أي قدر نحن أمام عالم عصي يصعب إدراكه.
ما هو مؤسف أن معظم التراث العلمي النفسي للعرب لا زال تمجيدا لأعمال الغزالي وابن سينا وابن خلدون، حتى أن الكتاب ينظر إلى ابن حزم كمتحدث في علم نفس الحب عبر كتاب طوق الحمامة.
المجد الحقيقي لعلم النفس الغربي يكمن في عدة أمور، أولها أنه متراكم، العالم يبني على من سبقه، ثانيها أنه يعمل بالمنهج التجريبي والذي بلوره العرب الأوائل، وقد بدأ الاتجاه التجريبي في علم النفس مع المدرسة الأمريكية بريادة ويليام جيمس.
لا زال الكتاب في مكتبتي، ولا زال الفصل الذي يتحدث عن علم الأعصاب بحاجة لقراءة ثانية وثالثة!