ورد هذا السؤال للشيخ عبد السلام البسيوني -جزاه الله خيرا-؛ وكان ردَّه كالآتي:
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه،
وبعد، فسأتجاوز عن كلمة الأغاني الدينية وأحدثك عن الأناشيد الدينية، وأقول والله أعلى وأعلم إن الأصل فيها في حفلات الزفاف ان تكون مع الإيقاع لأن النبي ﷺ قال: “أعلنوا الزفاف واضربوا عليه بالدفوف”، كما صح أن جواري ضربن بالدفوف في مسجد نبي الله ﷺ في يوم عيد، فلما نهرهن عمر رضي الله عنه قال له النبي ﷺ : “دعهن يا عمر فإنا في يوم عيد، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة”، فحتى هنا لا خلاف ولكن الخلاف يبدأ اختي من تحديد معنى الإيقاع، واللواتي ينشدن.
وفيهما أقول بالله التوفيق: إن الأناشيد – وهي الكلام المنظوم الجميل الذي يحوي معاني راقية أنيقة – هي من الأمور التي درج المسلمون على استخدامها حتى في زمن الرسول ﷺ، فقد كانوا يحدون وينشدون ويرتجزون بالأشعار الراقية الخفيفة، وأما إذا كان الكلام رديئاً أو مثيرا للشهوات فهو حرام جملة واحدة، ولي هنا ملاحظة هي أن أناشيد الأفراح ليست وعظية دائما وليست حزينة كما يفعل بعض الناس حين ينشدون في أفراحهم أناشيد جهادية ذات معان حادة، وإنما تكون ذات عبارات خفيفة أو مرحة في فيها وصف مقبول لبعض معاني الجمال والحسن، أو حتى تكون بلا معنى على طريقة العوام في طرح عبارات لطيفة فيها المزح وفيها الخفة.
وأما الإيقاع فإذا كان بالدف وحده فلا خلاف في حله في الأفراح، وإنما الخلاف في الإيقاع بآلات أخرى موسيقية، وهناك من يحرمها خصوصا الحنابلة، كما أن هناك من يبيحها ومنهم من الشافعية القدماء الإمام الغزالي، ومن المحدثين عدد كبير منهم العلامة القرضاوي حفظه الله.
وأما النقطة الثانية فتختص بمن أنشد الأناشيد فإن كانت وسط نساء وتنشد ما ذكرت سابقا فلا حرج عليها، وإن كانت وسط رجال أو جو مختلط فلا تفعل خصوصا إذا كانت ذات ملابس أو مكياج نسائي صارخ وهذا حرام قولا واحدا أن تظهر به، وأحب أن أنوه هنا إلى أن علينا أن نحسن انتقاء الكلمات التي تنشد صياغتها في جو إنشادي مناسب لائق بالزواج الذي هو شعيرة إسلامية والذي ينبغي أن نؤسسه من أول يوم على تقوى من الله والرضوان، فلا يكون فيه من المحرمات ما يغضب الله تبارك وتعالى، والله أعلى وأعلم.