هل يجوز ان اتعامل كما يسمى سمسار على علم الطرفين؛ وهل يمكن التعامل على علم طرف واحد.
الـجـــواب
لا حرج عليك في هذا العمل بناء على التوضيح التالي:
السمسرة لغة : هي التجارة ، قال الخطابي : السمسار لفظ أعجمي ، وكان كثير ممن يعالج البيع والشراء فيهم عجما ، فتلقوا هذا الاسم عنهم ، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التجارة التي هي من الأسماء العربية.
فعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلْفُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ» (رواه أصحاب السنن الأربعة).
والسمسرة اصطلاحا : هي التوسط بين البائع والمشتري ، والسمسار هو : الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطا لإمضاء البيع ، وقد يسمى الدلال؛ لأنه يدل المشتري على السلع ، ويدل البائع على الأثمان.
وإذا اتفق السمسار مع كل طرف من أطراف عقد البيع على أن له أجرا إذا تم البيع الذي سعى وبذل جهدا لإتمامه؛ فعلى من اتفق معه على ذلك الوفاء بالشرط؛ لأن المسلمين عند شروطهم، أما إذا لم يتفق مع أي منهما على شيء فيُرجع في تحديد أجرته وتحديد الشخص الذي يتحملها للعرف الشائع في البلد الذي تم فيه البيع.
وفي حالة فسخ البيع بعد انعقاده بتراضي الطرفين فالسمسار لا يلزمه رد ما أخذه إلا إذا ارتكب مخادعة وتدليسا أضر باستمرار العقد؛ وذلك لأن الأصل في عمل السمسار أنه يسعى للتوفيق بين البائع والمشتري حتى ينعقد بينهما البيع أو الإيجار ونحوهما وليس من سعيه أن يضمن استمرار العقد وعدم طلب الإقالة من أحد طرفيه.
والأصل في أجرة السمسار أنها أبيحت لعموم بلوى الناس بالحاجة لما يقوم به.
قال ابن عابدين في حاشيته على [الدر المختار]: « مطلب في أجرة الدلال ( تتمة ) قال في التتارخانية : وفي الدلال والسمسار يجب أجر المثل , وما تواضعوا عليه أن في كل عشرة دنانير كذا فذاك حرام عليهم . وفي الحاوي : سئل محمد بن سلمة عن أجرة السمسار , فقال : أرجو أنه لا بأس به وإن كان في الأصل فاسدا لكثرة التعامل وكثير من هذا غير جائز, فجوزوه لحاجة الناس إليه كدخول الحمام وعنه قال : رأيت ابن شجاع يقاطع نساجا ينسج له ثيابا في كل سنة».
ويفرق فقهاء الحنفية بين السمسار والدلال .. فالسمسار هو: الدال على مكان السلعة , وصاحبها . والدلال هو: المصاحب للسلعة غالبا .
جاء في [الدر المختار للحصكفي]: ( ويضم ) البائع ( إلى رأس المال ) ( أجر القصار والصبغ )…. ( وأجرة السمسار ) هو الدال على مكان السلعة وصاحبها ( المشروطة في العقد ) على ما جزم به في الدرر ورجح في البحر الإطلاق وضابطه كل ما يزيد في المبيع أو في قيمته يضم درر واعتمد العيني وغيره عادة التجار بالضم.
قال ابن عابدين في حاشيته [رد المحتار على الدر المختار]: ( قوله : هو الدال على مكان السلعة وصاحبها ) لا فرق لغة بين السمسار والدلال , وقد فسرهما في القاموس بالمتوسط بين البائع والمشتري , وفرق بينهما الفقهاء , فالسمسار هو ما ذكره المؤلف , والدلال هو المصاحب للسلعة غالبا أفاده سري الدين عن بعض المتأخرين ط وكأنه أراد ببعض المتأخرين صاحب النهر , فإنه قال وفي عرفنا الفرق بينهما هو أن السمسار إلخ . ( قوله : ورجح في البحر الإطلاق ) حيث قال : وأما أجرة السمسار والدلال فقال الشارح الزيلعي : إن كانت مشروطة في العقد تضم , وإلا فأكثرهم على عدم الضم في الأول , ولا تضم أجرة الدلال بالإجماع ا هـ . وهو تسامح فإن أجرة الأول تضم في ظاهر الرواية والتفصيل المذكور قويلة , وفي الدلال قيل لا تضم والمرجع العرف كذا في فتح القدير ا هـ . ( قوله : وضابطه إلخ ) فإن الصبغ وأخواته يزيد في عين المبيع , والحمل والسوق يزيد في قيمته ; لأنها تختلف باختلاف المكان فتلحق أجرتها برأس المال درر , لكن أورد أن السمسار لا يزيد في عين المبيع ولا في قيمته , وأجيب بأن له دخلا في الأخذ بالأقل , فيكون في معنى الزيادة في القيمة : وقال في الفتح بعد ذكره الضابط المذكور قال في الإيضاح : هذا المعنى ظاهر ولكن لا يتمشى في بعض المواضع والمعنى المعتمد عليه عادة التجار حتى يعم المواضع كلها » اهـ.
هذا والله تعالى أعلم.
المصدر: دار الإفتاء المصرية