على موعد مع الزمن الغابر تضربه الرمال وتشهده ظلال الشمس الذهبية معلنة عن اسطورة واقعية سردتها الطبيعة بلغة الجمال الصامت، هنا تحتفل براري بأصالتها وتسافر بك عبر الأثير لتمحو الصورة الذهنية عن الجفاف واللاحياة وتستبدلها بمفاتن من خيال لا تخلو من المغامرة، مجسدة بذلك أغرب الصحاري في العالم.
• من مصر العجائب والجمال، تمتد الصحراء البيضاء كمن يخطوا الى الخيال في رحلة فريدة بين نقاء الثلج وصلابة الصخور، تقع هذه الصحراء على بعد ٤٥ كليو متراً الى الشمال من واحة الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد.
للصحراء البيضاء رونقها الخاص وشخصيتها الفريدة، إذ تنتصب فيها الأشكال الصخرية والتكوينات الرسوبية التي تظهر ككائنات حية ساكنة، تشعر الزائر أنه امام متحف طبيعي ومسرح لا مألوف من الفن العريق الذي نحتته الطبيعة عبر الزمن، فبعد الجفاف الذي أصاب المنطقة قبل ملايين السنين وبسبب تراجع البحر ظلت تلك الصخور عرضة للتعرية والنحت حتى صاغت ما يعرف بمحمية الصحراء البيضاء والتي اصبحت اغوبة سياحية تجذب الأنظار.
• من سحر الشرق الى جمال الغرب وتحديداً في البرازيل، هنا لا تستغرب إن سمعت بصحراء غارقة في المياه، فبرغم التناقدات التي تحملها العبارة إلّا انها حقيقة موجودة، تعرف بصحراء مارن هاو وتوصف بكونها الأغرب والأجمل بين صحاري العالم.
تتربع الصحراء على مساحة الف كيلو متر مربع من الرمال البيضاء الحريرية يتخللها عدد كبير من واحات المياه الفيروزية المنعشة، حيث تشهد المنطقة بداية كل عام هطول امطار موسمية تتجمع مياهها بين الكثبان الرملية مكونة بحيرات صافية ما يجعلها تبدو من بعيد كلوحة فنية يطول التأمل في اسرارها.
• أما في استراليا والتي تشتهر بصخورها واحجارها الغريبة والفريدة من نوعها، لا يمكن للسائح المرور بها دون زيارة صحراء القباب القابعة في حديقة نامبونج الوطنية والتي سميت بهذا الأسم نسبة الي الصخور الجيرية اللي تشبة القباب في شكلها وتنتصب شامخة بين الكثبان الرملية كتحفة أثرية يتيه الزائر بين جنباتها، ترتفع هذه الصخور لعدة امتار وتتفاوت في أشكالها وأحجامها، وتتوسطها بعض الأعشاب البرية بمشهد إستثنائي جعلها تُعرف كواحدة من أكثر الأمكان الطبيعية غرابة في العالم.
• للمغامرة وجهُ آخر في صحراء ناميب الإفريقية التي تجمع بين العصور الغابرة والطبيعة الشاحبة، ترها فتحسبها لوحة فنية لا ينقصها سوى إطار يوثق معالمها، تصنف بأنها الأقدم في العالم، إذ يعود عمرها الى ما قبل ٨٠ مليون عام وتشتهر بكسبانها الرملية الشاهقة التي يصل ارتفاع بعضها الي ٣٠٠ متر, ورغم قدم طبيعتها لم يمنع ذلك من وجود بعض أنواع النباتات والحيوانات التي تعيش في أحضانها وتعتبر الفيلة أبرزها، فهي الصحراء الوحيدة في العالم التي يمكن أن تقابل فيها هذه الحيوانات الضخمة.
• بعيداً عن سحر المشهد وقدم الزمان، تحكي صحراء داناكيل قصة الجمال القاتل، كما توصف إذ يُلقبها البعض بالجحيم على الأرض، فهنا عليك أن تحسب خطواتك وتفكر مليّا قبل التجرء علي معاينة المكان أذ تعتبر هذه الصحراء الأكثر صعوبة وجفافا في العالم، حيث تصل درجات الحرارة الي ٥٠ درجة مئوية والهواء ملوث بالغازات السامة بسبب وجود البراكين الثائرة كبركان دالول، الذي يتصدر قائمة الظواهر الطبيعية الغريبة، بما يشكله من طبقات فنية تشبة ألوان الطيف، كما تزخر المنطقة بالبحيرات الكبريتية ورغم ذلك يقطع محبوا المخاطرة مسافات ليتعرفوا علي خباية هذه الصحراء الملتهبة.
لطالما كانت الصحراء أغنية عذبة تتكحل بها عيون القصيدة ووشاح من حنين للماضي يأثر القلوب، أما هنا لا تقف عند هذا الحد، فهذه الصحاري تجعل الزائر يترجل عن صهوت احلامهِ ويسافر معها طوعاً وتاملااً إلى عالم الجمال والمغامرة.
إعداد : منى عبد اللطيف / قراءة: رائد الدالاتي “قناة الشارقة”