لدينا اليوم شرفٌ عظيم في الحديث حول سبب نزول آية ﴿ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب﴾. والتي وردَت في سورة التوبة. لكِن قبلها يجب أ نُنوِّه أن الناس يختلفون ويتنازعون. هذه سُنَّة الله -عز وجل-. كما قال -سبحانه- ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ | إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾.
بعدما قال ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. لكن الاختلاف سنة كونية. يختلف الناس في آرائهم، في توجهاتهم، في نوازعهم. هذا أمرٌ مشهود لا يستطيع أحد أن ينكره.
لكن بعض الخاسرين يريدون أن يجعلوا من الاختلاف سببا للطعن في الدين والسخرية من سيد المرسلين.
وأنا أحذر الشباب، وأقول لهم أن الاستهزاء بآيات الله -عز وجل- أو بسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- سمَّاه الله في القرآن كفرا. فقال -جل من قائل- في سورة التوبة ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ | لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.
هذه الآية نزلت في جماعة في غزوة تبوك تكلَّموا مع بعضهم، فقال قائلهم: ما رأينا مثل قُرَّائِنا هؤلاء، أرغب بطونا وأكثر كلامًا وأجبن عند اللقاء. فأوحى الله إلى نبيه -عليه الصلاة والسلام- بما قاله أولئك. فقال إن فلانا وفلانا قالوا كذا وكذا.
فجاؤوا يتعلقون برِكاب النبي -صلى الله عليه وسلم-. يقولون يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب. يعني كنا نمزح، كنا نقضي أوقاتنا.
ثم نزلت هذه الآية الكريمة.
أُحذر شبابنا من مثل هذه السفاهات، هذه الحماقات التي توقِع أصحابها في الكفر الأكبر المخرج من الملة.
يا أيها الشباب أُقدروا الله حق قدره. إياكم والسخرية والاستهزاء بشعائِر الله أو بآياته أو برسوله -صلى الله عليه وسلم- أو بشيء من سنته أو بعباد الله الصالح، فذاك كله من علامات المنافقين.
الله -جل جلاله- ذكر من علامات المنافقين الاستهزاء. فقال -تبارك وتعالى- في سورة البقرة ﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ﴾.
وذَكَرَ من خِصال المنافقين السخرية من المؤمنين؛ فقال -سبحانه- في سورة التوبة ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. ثم قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾.
هؤلاء الذين جعلوا السخرية والاستهزاء مادَّتهم ودينهم وديدنهم هُم على خطر عظيم.
أسأل الله أن يتوب علينا أجمعين؛ اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة.