اعلموا -أيها المسلمون- إن حادثة الإسراء والمعراج كانت برهانا من الله ﷻ على مكانة بيت المقدس. يقول أهل العلم: الله ﷻ أسرى بنبيه -عليه الصلاة والسلام- إلى بيت المقدس أولا، قبل أن يعرج به إلى السماوات العلى؛ من أجل أن يجمع له بين رؤية القبلتين في ليلة واحدة. ومن أجل أن تجتمع له أشتات الفضائِل. ولان بيت المقدس كان مُهاجَر الأنبياء قبله ﷺ.
بيت المقدس شَهِد الله له بالبركة ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾.
قال أهل التفسير: بارك الله حوله بكثرة ما أنبت من الثَّمرات والخيرات. وبكثرة من دُفِنَ هنالك من الأنبياء والأولياء والصالحين.
نبينا ﷺ أُسري به إلى بيت المقدس؛ لأن بيت المقدس كان القبلة الأولى للمسلمين. أُسري به إلى بيت المقدس لأنه كان مُهاجَر الأنبياء قبله.
بيت المقدس يُمثل ثلث مقدساتنا. قال رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى».
المسجد الأقصى الذي جدد بناءه سليمان بن داود “عليه السلام”. وسأل ربه ﷻ ثلاثا: ١ حكما يصادف حكمه. ٢ ومُلكا لا ينبغي لأحدٍ من بعده. ٣ وألا يخرج أحد من بيته يريد هذا المسجد -أي المسجد الأقصى- للصلاة فيه، إلا عاد له.
قال ﷺ «أما اثنتان فقد أعطيهما وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة».
إن بيت المقدس الآن بأيدي اليهود، وفي كل يوم يحفرون الأنفاق؛ يريدون هدمه بحثا عن هيكلهم المزعوم. يُضيّقون على المسلمين الذين يريدون الصلاة فيه. يُضيّقون على سكان بيت المقدس من أجل أن يحملوهم على أن يبيعوا دورهم وأن يهجروا بلدهم. لكنهم مرابطون، ينوبون عن الأمة كلها في القيام بهذا الواجب. مرابطون في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس.
إن اليهود وأذنابهم عمِلوا على أن يشغلوا أمة الإسلام من أجل أن ينكب كل شعبٍ على شؤونه الخاصة وأموره الداخلية، يبحث عن قوته، عن معاشه؛ شغلوهم بالحروب والفتن من أجل أن يخلُص لهم الأمر. لكن هيهات هيهات.
إنا على ثقة من موعود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر. فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله».
إن واجبًا علينا ألا نُهمِل قضية بيت المقدس. إن واجبًا علينا أن نُذَكِّر بها في كل محفل. إن نكثر من الدعاء لإخواننا. أن نُذَكِّر المسلمين بوجوب الجهاد لاستعادة تلك المقدسات. أن ندعم إخواننا المرابطين في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس بما نستطيع من مال، من دعاء، من تعريف بقضيتهم. هذه القضية التي أُرِيد لها أن تطمس. أُرِيد لها أن تكون قضية قومية أو قضية عربية أو قضية خاصَّة بشعب فلسطين. لكننا نقول بأنها قضية المسلمين كلهم أجمعين. ما ينبغي لمسلم أن يتناساها ولا أن يغفل عنها. لأنها مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. لأنها أرض المحشر والمنشر. لأنها الأرض التي ذكرها الله بالبركة في القرآن خمس مرات.