كم بكى الصالحون قبل موتهم على أنهم فقدوا هذه اللذة. أي لذة؟ صيام في يوم صائف حار، طويل النهار، يصومونه لله ﷻ. شدة جوع، وشدة عطش. ما الذي يمنعهم؟ الصيام تطوع. ما الذي يجبرهم؟ ليس الأمر بفرض. ما الذي يمنعهم أن يأكلوا أو يشربوا؟ إنه حب الله ﷻ.
يترك أحدهم طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله. أي فضل هذا وأي حب ذاك؟ عندما يترك الإنسان لذته ومتعته في هذه الدنيا من أجل من؟ من أجل خالقه -جل وعلا-. والجزاء من جِنس العمل.
لما علم بعض الصالحين أنه من مات وهو صائم وجبت له الجنة. كانوا يكثرون من الصوم، يرجون أن يقبضهم الله ﷻ وهم صائمين.
يوم من الأيام كان أحد الشباب ينتظر ينتظر الإفطار بعد صلاة العصر. أهله سألوا عند الإفطار. أين هو؟ في غرفته. إذهب يا فلان اطرق عليه الباب ليأتي، سيحين وقت الفطور الآن. فذهب أخوه يطرق عليه الباب والباب مغلق. فرجع فقال: يا أمي. أخي لا يرد على.
كان مصليا، كان ذاكرا لله، كان عابدا لله ﷻ وكان صائما.
فلما ذهبوا إليه وفتحوا الباب عنوة. وجدوه قد قبضه الله ﷻ وهو صائم. ومن مات وهو صائم وجبت له الجنة.
وإحدى الصالحات العابدات، قبل وفاتها، قالوا لها: اشربي ماء. قالت: لا. أنا ثلاثين سنة انتظر هذه اللحظة. وقبضها الله وهي صائمة.
جاء في الأثر أن الرجل إذا كان في الجنة على نهر من أنهارها
من منا يجمع أهله على ثلاث أيام البيض كل شهر؟ من منا يحرص على الإثنين والخميس؟ من منا يصوم الأيام الفضيلة؟
صيام التطوع من أعظم الأعمال وأفضلها عند الخالق -جل وعلا-.