لقد كان السلف يعتبرون شعبان بمثابة الفترة التدريبية التي تسبق دخول مضمار السباق، ويعتبرونه البوابة الممهدة للدخول في هذا السباق الأخروي، فلقد أيقنوا أن الخيل التي لا تضمر ولا تتدرب لا تستطيع مواصلة السباق وقت المنافسة كما ينبغي. وهذا ما فعله أحد ملوك بني إسرائيل حينما أراد مواجهة الجبابرة وأراد أن يعرف مدى صبر قومه ومكابدتهم للشدائد والصعاب امتحنهم بأمر من الله ﷻ بعدم الشرب من النهر في الطريق وقبل المواجهة قال ﷻ: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ…) سورة البقرة.
إن عدم الاستعداد لشهر رمضان قبل دخوله يفسر لنا بوضوح حماس بعض الناس في أول الأيام ثم يفترون في وسط الشهر أو في آخره، ولهذا لما كانت الصلاة أعظم الأعمال فقد شرع بين يديها من الأعمال ما يعين على تلقيها بما ينبغي لها؛ فشرع لها الأذان ، وشرع للرجل أن يتقدم إلى المسجد، وشرعت لها سُنن الرواتب إما قبلها وإما بعدها ليتهيأ العبد لها وليرقع ما وقع فيها من نقص وما ذلك إلا لعظمها فهي أعظم الأعمال عند الله ﷻ، والعاقل من عرف شرف عمره وزمانه وقيمة حياته.