من أهم ما ينبغي على طالب العِلم الحرص عليه في بناء منهجية تفكيره، ما يمكن أن نصطلح عليه بـ (التفكير الشبكي)، والمقصود أن ينظر لأي موضوع نظرة مركبة، تتداخل فيها جملة من المعطيات والعناصر، فتكون هذه النظرة أشبه بشبكة تترابط خيوطها هنا وهناك، لكنها جميعا يؤثر بعضها في بعض ويتأثر بعضها ببعض.
وأنت إذا استعرضت القرآن، ستجد سمة العرض الشبكي بارزة ساطعة، فلن تجد فيه مثلا عرضا لمسائل الاعتقاد بأسلوب البحوث والفصول، بل تجده يستعرض معطيات العقيدة في سياقات مختلفة، في النفس والتاريخ والكون والحياة والقيم والسلوك والتشريع والارتقاء والسقوط والمصير والآخرة، وهذا ما يمنح مكونات الاعتقاد القوة والرسوخ والفاعلية والحركة.
كيف تكتسب هذا الأسلوب؟
يكون ذلك -بعد فضل الله وتوفيقه- بكثرة القراءة الموسعة والمتنوعة، بعد ترسخ الرؤية الوجودية الإسلامية لديك، لأنها المرجعية العليا والمعيارية التي تضبط لك حقيقة الأفكار والأشخاص والأحداث. وأيضا بالحرص على التفكير بهذا الأسلوب في مختلف المواضيع والمجالات لكي يصير عادة لعقلك في الفهم والتحليل والتفسير. وكذلك بالكتابة الكثيرة والدائمة.
نورالدين قوطيط