لا أذكر كم مرة تواصل معي أبناء يشكون الحال التي وصل إليها (الوالدان)، رغم بلوغهما سن الـ ٥٥ أو ٦٠ أو حتى ٧٠..
والحقيقة أن ما يصل إليه الزوجان (كثرة الخلافات، هجران غرفة النوم، كثرة الشكوى من بعضهما، الإهمال الشديد لبعضهما) = كل هذا لم يحدث فجأة، بل يكون نتيجة حتمية لتراكمات السنين بينهما.
بل كثيرا ما يعيش الطرفان ما يشبه هدنة باردة بسبب انشغال الزوج في الخارج والزوجة مع الأبناء الصغار، فإذا كبر الأبناء لا تعود الزوجة تجد كثير شغل لديها، والزوج يكون على مشارف التقاعد، وهنا يجدان الفرص لـ (تصفية) الحسابات القديمة: الزوجة تتعامل بمنطق الانتقام لأن الزوج كان يهملها في الفراش، أو كان يسيء معاملتها، أو كان يخونها، والزوج يتعامل بمنطق مزيد من الشدة والقسوة، لأن الآن يريد العودة إلى زوجته وهي ترفض، أو على الأقل تعتبر نفسها منتهية الصلاحية ولا يليق بها في هذه السن أن تتزين وتهتم بعلاقة الفراش والجانب العاطفي لزوجها.
وهذان الزوجان يحتاجان لطرف ثالث، يجلس معها ليبين لهما جملة من الأمور، فهنا قد يحدث بعض التغيير. وأقرب الحلول هو أن يتدخل البنات والأبناء للإصلاح بين الوالدين رغم أنه أحيانا يكون الوالدان أشبه بكتلة من العناد. من أجل ذلك، قلت سابقا: أيها الزوجان الشابان خير لكما أن تحرصا على علاقة زوجية مستقرة الآن، وإلا فإنكما حتما ستدفعان الثمن باهظا مستقبلا عندما تبلغان سن الـ ٥٠ أو ٦٠.
كتب: نورالدين قوطيط