ليس واجبا عليك أيها المسلم أن تأسف وتحزن على أهل المعاصي والضلال والكفر والإلحاد، وعلى ما يبذلونه من الأموال والأعمار والجهود لمحاربة الإسلام، فعمل ذلك يضرك ولا ينفعك، ويدخل عليك الأسى والضيق والتوتر، ولن يتغير أي شيء.
الله ﷻ نهى الأنبياء عليهم السلام عن الأسف والحزن على من اختار لنفسه الضلال والعناد من أقوامهم، يقول رب العزة لنبينا محمد ﷺ: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَیۡنَیۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّنۡهُمۡ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِینَ﴾، ويقول ﷻ: ﴿وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَیۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِی ضَیۡقࣲ مِّمَّا یَمۡكُرُونَ﴾، وقال ﷻ: ﴿قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَیۡءٍ حَتَّىٰ تُقِیمُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾.
وقال سبحانه لنبيه موسى عليه السلام: ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَیۡهِمۡۛ أَرۡبَعِینَ سَنَةࣰۛ یَتِیهُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَـٰسِقِینَ﴾، وقال ﷻ وتقدس لنبيه نوح عليه السلام: ﴿وَأُوحِیَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن یُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَىِٕسۡ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ﴾.
فهذا مبدأ مركزي وقاعدة جيدة، فإن بعض المسلمين يمتلئون حزنا وأسى وأسفا لما يرونه من حال الأمة، وتكالب الأعداء عليها، وأيضا لإصرار الملاحدة والعلمانيين وغيرهم من فرق الكفر والضلال على العناد، وبذل جمهور القنوات الإعلامية والحكومات العربية الجهود الضخمة في محاربة الله ورسوله والمؤمنين، وهذا كما قلت خطأ، بل الواجب على المسلم أن يلتزم بوصية الله ﷻ للأنبياء، فالحق واضح، والحجة قائمة، والطريق لاحب.
فمن آثر الكفر والمعاصي والعناد والجحود، فإلى جهنم وبئس القرار. وإنما المسلم يحرص على الحفاظ على نفسيته وحمايتها من كل ما يدخل عليه الأسى والحزن والتوتر والهموم، لأن كل هذا يؤثر على صلته بخالقه ﷻ، وهو من مسالك الشيطان الخفية ضد المؤمن، فهو يصور له الأمر على أنه صواب ودلالة على محبته للإسلام، لكنه خلال ذلك يدخل عليه أنواع الهموم والأحزان والآلام النفسية وهو ما يؤثر مع مرور الوقت على صلته بالله ﷻ.
بقلم: نورالدين قوطيط