يوم اليتيم، ظهرت هذه السنة طيبة المقصد كمقترح لاْحد متطوعي جمعية الاْورمان للاْعمال الخيريةْ فجري الاتفاق علي اعتبار اْول جمعة من شهر ابريل في كل عام يوما للاحتفال باليتيم حيث يقوم عدد من المتطوعين بزيارتهم واحضار الهدايا والترويح عنهم باصطحابهم للاْماكن العامة والمتنزهات بغرض تعويضهم عن بعض ما فقدوا من حنان الاْبوة.
من هو اليتيم؟ اليتيم هو من فقد اْبيه قبل بلوغه مبلغ الرجال. وانه لبلاء عظيم يحتاج الي تاْهيل لتقبله، وتعويض عنه حتي ينشاْ الطفل نشاْة سوية . ان الاْب لابنه هو القائد الذي يحب ويهتم ويرعي ويدعم، وفقدانه يعني فقدان كل هذه الاحتياجات الاْولية الضرورية للصحة النفسية، لذا كان ايجاد البديل اْمر واجب علي المجتمع، والبديل قد يكون من الاْهل بالنسبة للطفل معلوم الاْبوين وقد يكون دور الرعاية اْو الاْسر البديلة للطفل مجهول الاْبوين. وكلها سبل لو صدق سالكوها لعوضوا اليتيم عن مثل هذالفقدان، ولاستحقوا وصف الاْبوة ولاستطعنا تقوية هذه الحلقة الضعيفة في مجتمعنا وجعلناهم مصدر لقوتنا ونهضتنا.
من اْين نبداْ؟
نبداْ من صدق النية والاستعانة بخبراء الصحة النفسية لتوجيه المقيمين علي خدمة وتربية الطفل اليتيم. فاذا تقبل الطفل هذا الاختلاف ونظر اليه بعين راضية وتلقي من الاهتمام الصادق والمستمر ما يشبع احتياجاته فما الفرق اذن بينه وبين من له اْب واْم !!اْظن لا شئ علي الاطلاق ان الاْزمة الحقيقية في هؤلاء القائمين علي رعاية اليتامي فهم في مصر غير مؤهلين للقيام بهذه المهمة المقدسة بل ان معظمهم يعاني من مشاكل نفسية يفرغها في هؤلاء الاْطفال بالاضافة الي ضعف الرقابة، وهنا النتيجة حتمية ويعرفها الجميع ويرددها الجميع (تربية ملاجئ) اننا نصنع منهم المجرمين والمدمنين ومنحرفي السلوك.وانه لصنع ايديكم يا سادة وليس ذنبهم.
“مسلمون بلا اسلام واسلام بلا مسلمين”… لكم طرقت هذه الجملة مسامعنا وانها لصدق فلو اْننا اتبعنا ما جاء به ديننا الحنيف من اْوامر ونواهي بحق اليتيم لما احتجت اليوم ان اكتب عن يوم اليتيم هذا.
سنتطرق هنا للاْخطاء في فهم ما اْمر الله به من حسن معاملة اليتيم وما اْوصي به نبي الله من الترغيب في كفالته والاحسان اليه، فالانفاق المادي وحده لن يشبع حاجة هؤلاء الاْطفال، والسعي للمسح علي راْس اليتيم بقلب جاف لن يدخلك الجنة، فالاْمر معنوي بشكل كبير،فديننا اْراد منا رحمة القلب بهؤلاء مصدقا عليه فعل اْيدينا من الانفاق والمسح علي الراْس وغيره.
اْراد منا الدين فهم الحكمة وراء هذا الابتلاء فهو خير للجميع، خير لليتيم حيث يعلمه الرضا والاعتماد علي الذات والنهوض بنفسه لاْعلي المراتب،وخير لكافل اليتيم حيث يرق قلبه ويتودد لخالقه، وخير للطفل غير اليتيم حيث لا يجزع اذا فقد اْحد اْبويه لاْن مثله الكثيرون الذين يحيون رغم فقدانهم هذا حياة كريمة طيبة.
هل يوم اليتيم يحقق ما سلف ذكره ؟
الحقيقة اْن هذا الاحتفال يهدم ولا يبني ويسئ ولا يحسن. فمبدئيا ما نراه من خروج المتطوعين والمشهورين لزيارة اليتامي وسط اْضواء الكاميرات وعلي الملاْ قد اْفقد هذا اليوم المعني الحقيقي للسعادة والحنان الذي يجب اْن يتلقاه هؤلاء واْصبح الاْمر اْقرب للرياء وزيادة الشهرة.
بالاضافة الي ما يتركه هذا اليوم من اّثار نفسية مؤلمة في قلب الطفل بعد انتهائه، فقد كان يتيما وجاءه من يشعره بالحنان ثم رحل، انه احساس متكرر باليتم يجعل الطفل يمقت هذا المجتمع الذي لا يتذكره الا مرة كل عام ويراه علي اْنه مجتمع كاذب فينطوي علي نفسه ويشب باحساس من النقص وانعدام الثقة والسلوكيات العنيفة. وليس بحكم جائر اذا قلنا ان يوم اليتيم يجعل اليتم تجربة متكررة سنويا بالنسبة للطفل. وما اْقسي ذلك! اللهم ان كان لهذا اليوم اْثر حسن فهو التذكير باْن لليتامي حقوق لابد من ايفائها.
ما الحلول الممكنة لهذه القضية المهمة جداً ؟
اْولا: لابد من ايجاد البديل المناسب مع اجراء كشف دوري للصحة النفسية لهذا البديل.
ثانيا: وجود رقابة حازمة من قبل الدولة علي هذا البديل سواء كان دور الاْيتام اْو الاْسر البديلة.
ثالثا: سن قوانين لمحاكمة المسيئين والمنتهكين لحقوق اليتامي.
رابعا: ضمان الكفالة المعنوية وذلك بضمان استمرارية زيارة الطفل وتقديم الحنان والاستماع اليه والا رفضت الكفالة المادية.
خامسا: ضمان استقرار الطفل في مكان معين وعدم تنقله من دار لدار اْخري او من اسرة لاخري فهذا اْيضا يجعل اليتم تجربة متكررة.
سادسا: الغاء هذه الاحتفالات السنوية بيوم اليتيم وغيره وهذا الشو الاعلامي البغيض.
وليس للحلول نهاية اذا ما اجتمعنا وتناقشنا من اْجل الاصلاح.
واْخيرا نود التنويه الي اْن لليتم اْشكالا كثيرة قد سردنا منها فقط فقد الاب، ولكن هناك اشكال اْخري قد اسميها اليتم الصامت وهو في رايي خطير جدا حيث لا يعرفه الجميع ولا يتلقي الاهتمام الواجب وهو ذلك اليتم وليد الاهمال الذي غدا منتشرا جدا في هذا العصر المادي جدا وقد نوه اليه اْمير الشعراء اْحمد شوقي حينما قال “ان اليتيم هو الذي يلقي اْما تخلت اْو اْبا مشغولا”.
وهو يتم كالسابق ذكره ونتيجته نفسها لذلك لابد لكل اْب واْم اْن يتابع اْبنائه بالحنان والحب والنصح واْن يقدر فضل الله ورزقه واْن يصون هذه النعمة واْن يتذكر دائما قول النبي لما قال “كفي بالمرء اثما ان يضيع من يعول” واْن يحسن الي اليتامي فيحسن الله الي اْبنائه.