هناك صلة تأثير قوية لطبيعة (اللباس) على طبيعة (الشخصية)، وقد نبّه السادة العلماء على هذا المعنى، فمثلا الإمام الأبهري “فقيه المالكية في العراق في ق 4 هجري” خلال ذكره كراهة الإمام مالك التزيي بزي العجم وآدابهم وأفعالهم، قال:
[قد قيل: لا تزال العرب بخير ما انتعلت النعال، ولزمت العمائم، وتقلدت السيوف. معنى هذا أنها إذا فعلت تلك، كانت الغلبة لها بظهور زيّها، وإذا تركت ذلك فهي تابعة لغيرها، وفي ذلك ضرر عليها وذلة، فلهذا ونحوه، كره مالك التزيي بزي الأعاجم، والتخلق بأخلاقهم]
(شرح الأبهري لكتاب الجامع لابن عبد الحكم، ص 44، دار الغرب الإسلامي، ط 1/ 1425-2004)
قلت، ولهذا جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لعن المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ]، كما [لعن المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ]، ولهذا تجد المرأة التي تتشبه بالرجال في لباسها تكتسب شيئا من سمات الذكورة، والرجل يتشبه بالنساء في لباسه يكتسب شيئا من سمات الأنوثة (انظر للشباب الذين يلبسون الملابس الضيقة خصوصا البنطالات) و(انظر المحجبة حجابا مزركشا تكتسب بعض سمات المتبرجة تبرجا صريحا)
وكل هذا لأن التشبه في الظاهر يورث صاحبه التشبه بالمتشبَّه بهم في الباطن، أعني الآداب والأخلاق والقيم والسمات والتفكير. وهذا يشمل التشبه من المرأة بالرجل والرجل بالمرأة، كما يشمل الأمم، وهو ما نبّه عليه الإمام مالك وشرحه الإمام الأبهري في النهي عن التشبه بلباس الأعاجم، لأن هذا التشبه يغرس في النفوس الخضوع والتقليد أو بتعبير الأبهري [الذلة]، وهو نفس المعنى الذي قرّره ابن خلدون بعدهما بقرون من أن [المغلوب مولع أبدا بتقليد الغالب]، لأنه في العادة لا يكون التشبه إلا باعتقاد خفي من المتشبِّه في كمال المتشبَّه به وتفوقه وأفضليته… إن لباسك يعكس شخصيتك.
لمزيد بيان راجع إن شئت [اقتضاء الصراط المستقيم]، للإمام ابن تيمية.
كتب: نورالدين قوطيط