المطلقة إذا كانت رجعية، وهي التي يحق لزوجها مراجعتها دون عقد جديد، فحكمها حكم الزوجة، لها ما لها من الحقوق المالية، التي تشتمل على:
1- النفقة والسكنى من مال الزوج: لعموم قوله تعالى «وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف» وقوله تعالى «أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن» وذلك مدة عدتها، حسب يسر الزوج وعسره وبحسب حال الزوجة وما يصلح لأمثالها مما جرى به العرف والعادة، فحق العشرة بينهما لا يزال قائما.
والمطلقة طلاقا بائنا، إن كانت حاملا فلها النفقة من أجل الحمل حتى تضع، وإن كانت غير حامل فلا نفقة لها لكونها أجنبية منه، ولانفصام عقدة النكاح بينهما.
2- حق المتعة: وهو مال زائد على النفقة يدفعه الزوج لمن طلقها قبل الدخول بها جبرا لخاطرها، وهو من محاسن الدين الإسلامي. قال تعالى «لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين». فهذه الآية دلت على استحقاق المطلقة المتعة إذا لم يدخل بها زوجها، ولم يفرض لها المهر.
وتستحب المتعة في حق غيرها من المطلقات لعموم قوله تعالى «وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين».
وهذا الحق المالي للمطلقة قد غفل عنه كثير من الناس اليوم، وقل في الزمن الحاضر من يؤدي متعة النساء، لأن غالب النساء تنشد السلامة والتسريح بإحسان قطعا للنزاع والخصومة. وقد أرشد الله المؤمنين بقوله «يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا». ويقول جل شأنه مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم «يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا».
3- حق الصداق: وهو المهر المسمى كله إن طلقها بعد الدخول، وبعد تسمية المهر في العقد، فيجب لها كامل المهر، ولا يحل للزوج أن يأخذ منه شيئا إلا برضاها، قال تعالى «وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا».
فإن كان الطلاق بسبب سوء عشرتها وكراهيتها له، فله أن يأخذ ما أعطاها، لقوله تعالى: «فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به» .
أما إن طلقها قبل الدخول وبعد تسمية المهر فيجب لها نصف المهر المسمى في العقد، كما قال تعالى «وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم» .
وإن طلقها بعد الدخول، وقبل تسمية المهر فهذه يجب لها مهر المثل، لقوله تعالى: «فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة».
فليتق الله كل زوج في طليقته، ولا يهضم شيئا من حقها الذي فرضه الله لها.
4- حق الإرث: المطلقة الرجعية، إذا مات زوجها في عدتها ترثه كغيرها من الزوجات، فلها نصيبها الذي فرضه الله لها، ولا يجوز النقص منه، أو المساومة عليه إلا برضاها، وما نسمعه في بعض المجتمعات من حرمان الزوجة من الميراث تبعا لرغبة الزوج وهواه، هذا خلاف الشرع، وأمر باطل وتعد على حدود الله، وما فرضه الله لا يجوز لأي مخلوق أن يبطله.
5- الحقوق المالية التي في ذمة الزوج: للمطلقة كامل حقوقها المالية الواجبة في ذمة الزوج، كالقروض، والديون من عقار ونحوه. فبعض النساء تدفعها الثقة العمياء بالزوج فيستولي على كل أموالها، وعند طلاقه لها، ترجع إلى أهلها بخفي حنين، بعد أن جحد مالها وظلمها حقها، والظلم ظلمات يوم القيامة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
د. إبراهيم بن ناصر الحمود ~ عن شبكة الإسلام اليوم