أسندت رأسها إلى حافة المقعد، وهي تسترجع ذكريات ملؤها الحب والود كانت بينهما.. أخذتها موجة تفكير حالم إلى أيام مضت..
تنهدت وهي تهمس لقلبها: آه لو نعود كما كنّا! وتعود تلك الأيام الجميلة!
كنّا نعيش بسعادة قبل أن يصبح كاتبا.. لامعا.. مشهورا.. يا إلهي..
نفضت رأسها وهي تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقررت أنها لا بد أن تناقشه في هذا الأمر.. حزمت أمرها بإصرار هذه المرة قائلة: نعم سأحادثه عند عودته مساءً، ولن أسمح له بالتهرب وممارسة فن الإهمال كعادته، لن أحتمل أكثر؛ فغيابه طال عني وعن صغيرته، لابد من حل.. فلعل الأمور تتحسن.. لعل..!
بعد انتظار مغموس بذكريات تأبى الرحيل حتى مع رائحة البصل والبهارات حيث كانت تعد له مائدة عامرة بعشاء شهي لذيذ.. وصل.. رمى بكل ما في يديه على طاولة جانبية في «الصالة»، وتقدم ملقيا بنظرة خاطفة إليها.. قائلا: مساء الخير.
– مساء النور، كيف كان يومك؟
– لا بأس.. لكن.. أشعر بإرهاق شديد..
– العشاء جاهز.. «ابتسمت».. ومميز، سنتناوله معا، ونتحدث فقد اشتقت إليك كثيرا!
– أكلتُ في المكتب، سآخذ حماما سريعا وأخلد إلى النوم..
– لكن..
قاطعها: أنا مرهق، تصبحين على خير.
اتجه إلى غرفته، وهي تشيعه بنظرة حب حائرة..
همست لنفسها: ربما غدا نتحدث… ربما غدا..!