ويستمر الحديث إلى أن يشاء الله ﷻ عن هاتين الحادثتين العظيمتين في تاريخنا الإسلامي. ولهذا التوقيت نضع بين أيديكم خطبة جمعة قصيرة عن رحلتي الإسراء والمعراج؛ وكما ذكرنا بالعنوان أنها –بالفِعل– مكتوبة بعناية.. فلا تفوّتوا فرصة اغتنامها واغتنام ما فيها.
مقدمة الخطبة
الحمد لله رب العالمين، الذي أكرم بالإسراء والمعراج خاتم النبيين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، رفعه ربه إلى سدرة المنتهى، وأوحى إليه ما أوحى، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال ﷻ: ﴿ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون﴾.
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون: لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة، كرم الله ﷻ بها نبيه ﷺ، وجمعه بإخوته من الأنبياء الكرام، وبادرهم ﷺ بالسلام، فبادلوه بالتحية والإكرام، قال ﷺ: «أتيت ليلة أسري بي على آدم، فسلمت عليه، فقال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح». ثم التقى ﷺ بيحيى وعيسى ويوسف، وإدريس وهارون وموسى، –عليهم السلام–، فسلم عليهم، فرحب به كل واحد منهم، ثم مر بإبراهيم –عليه السلام–، فرحب به ثم قال له: «يا محمد أقرئ أمتك مني السلام».
إنها رحلة الإسراء والمعراج، رحلة السلام؛ التي تجلت فيها دلائل التكامل بين رسالات السماء، والمودة والسلام بين الأنبياء، الذين تلقوا السلام من ربهم، قال ﷻ: ﴿سلام على إبراهيم﴾ وقال ﷻ: ﴿سلام على موسى وهارون﴾، ولما تكلم عيسى –عليه السلام– في المهد قال: ﴿والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا﴾. وأكرم ﷻ بالسلام رسله كلهم فقال: ﴿وسلام على المرسلين﴾.
وقد حرص جميع الأنبياء والمرسلين على تعزيز قيمة السلام في حياتهم، ونشرها بين أقوامهم. ولقد كانت رسالة سيدنا ونبينا محمد ﷺ سلاما للإنسانية، فقد دعا ﷺ إلى السلام، ونشر السلام.
فاللهم أدم علينا السلام، والاطمئنان والأمان، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد ﷺ، وطاعة من أمرتنا بطاعته عملا بقولك: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾. ﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين﴾.
الخطبة الثانية
الحمد لله الملك القدوس السلام، جعل السلام تحية الإسلام، ورغب بنشره بين الأنام، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أيها المؤمنون: إن الله ﷻ بعث الأنبياء قدوة للإنسانية، وأسوة للبشرية، فما أعظم أن نسير على نهجهم، ونقتدي بهديهم، فنحقق السلام في مجتمعاتنا، وقد دعانا رسول الله ﷺ إلى ذلك فقال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده». وحثنا ﷺ على إفشاء السلام بيننا، فحين سئل أي الإسلام خير؟ قال: «تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». لننشر بذلك السلام، ونرسخه في تعاملاتنا وعلاقاتنا، ونربي عليه بناتنا وأبناءنا، فالسلام شعيرة دينية، وقيمة أخلاقية، وضرورة إنسانية، وحاجة عالمية.
هذا وصلوا وسلموا على خاتم النبيين والمرسلين، كما أمر رب العالمين؛ فقال في كتابه المبين: ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾.
ولعلَّكم تتذكَّرون؛ فقد قدَّمنا من قَبل أيضًا خطبة مكتوبة عن حادثة الإسراء والمعراج
الدُّعـاء
- اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
- اللهم إنا نسألك من الخير كله؛ عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله؛ عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
- اللهم ارحم المسلمين والمسلمات: الأحياء منهم والأموات.
- اللهم اسقنا الغيث، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وأقم الصلاة.