من المعروف أنّ فيروس الكورونا قد تسبّب بمرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة (Middle East respiratory syndrome)، وفي الحقيقة فإنّ عائلة فيروس الكورونا تتسبّب بمجموعة من الأمراض الأخرى؛ مثل الزكام أو نزلة البرد، والمتلازمة التنفسيّة الحادّة الوخيمة (Severe acute respiratory syndrome)، والمعروفة أيضاً بالالتهاب الرئويّ اللانمطيّ الحاد، كما أنّه تسبّب بنوع من العدوى عُرفت مؤخرًا بالعدوى بفيروس كورونا الحديث ٢٠١٩ أو فيروس ووهان، وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّه تمّ التعرّف على نوع فيروس الكورونا المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة أول مرّة في المملكة العربيّة السعوديّة في شهر أيلول من عام ٢٠١٢، ومن خلال إجراء تحقيق بأثر رجعيّ تبيّن أنّ أول إصابة تم اكتشافها بهذا النوع من الفيروسات حصلت في الأردن في شهر نيسان من العام ذاته، ومن الجدير بالذكر أنّ أكبر انتشار للفيروس حدث في كوريا الجنوبيّة عام ٢٠١٥ حيثُ تمّ تسجيل ١٨٦ إصابة بالفيروس أدّت إلى وفاة ٣٦ شخص، وعلى الرغم من أنّ الفيروس ينتقل بين البشر من شخص إلى آخر ولكن يُعتقد أنّ أول إصابة بالفيروس حدثت نتيجة انتقال الفيروس من حيوانات الإبل أو الجِمال إلى الإنسان.
وتتشابه أعراض الإصابة بفيروس الكورونا مع أعراض الإصابة بالإنفلونزا (Influenza)؛ مثل السعال، والحمّى، وتتطوّر الأعراض بشكلٍ تدريجيّ أو سريع فيعاني الشخص المصاب من صعوبة شديدة في التنفّس، وقد تتطوّر الحالة لدى بعض الأشخاص مُسبّبةً فشلًا في الجهاز التنفسيّ، وقد ينتقل الفيروس في بعض الحالات إلى أجزاء أخرى من الجسم ممّا قد يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلويّ، أو التهاب التامور (Pericarditis) وهو الغشاء المحيط بالقلب، أو حدوث نزيف شديد نتيجة حدوث خلل في النظام المسؤول عن تخثّر الدم في الجسم.
واقرأ: كيف ظهر فيروس كورونا الجديد
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الأشخاص قد لا يعانون من أيّ أعراض واضحة عند إصابتهم بالفيروس، ولكن تتضمن الأعراض التي يشعرون بها بالشعور بألم في منطقة الصدر، الوهن والتعب العام، التهاب الحلق، الصداع، الإسهال، الغثيان، والتقيؤ، والقشعريرة.
ولم يتمّ إلى الآن تطوير لقاح فعّال ضد فيروس الكورونا المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة، ولا يوجد علاج محدّد مضاد للفيروسات يمكن استخدامه عند الإصابة بهذا الفيروس، وإنّما يعتمد العلاج على محاولة السيطرة على الاعراض المصاحبة للمرض، ومنع حدوث المضاعفات الصحيّة الخطيرة على الأعضاء الحيويّة في الجسم، ويتضمن ذلك الحصول على قسط كافٍ من النوم، وشرب كميات كبيرة من السوائل، وتناول مسكّنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية لصرفها، وغيرها من الإرشادات التي يُنصح بها في حالات الإنفلونزا العادية.
ومن المقرر أن فيروس كورونا قد انتشر بشكل واسع جداً في العديد من دول العالم، ومن أبرز هذه الدول إيطاليا؛ حيث تعيش إيطاليا الأن حالة من الحجر الصحي بعد ارتفاع مهول في عدد الإصابات والوفيات، وتسجيل كل يوم حالات جديدة، مما خلق حالة استنفار جماعي.
آخر مستجدات الوضع في إيطاليا مع كورونا
يقول الأستاذ المحاضر في كلية الطب في جامعة “بافيا” شمال إيطاليا الدكتور “حسين جلوس”: أنه هناك العديد من القرارات الرسمية التي تصدر تباعاً على مدار الساعة من قبل الحكومة الإيطالية، والتي تتضمن الإجراءات الواجب اتخاذها؛ لتوقيف السيناريوهات المحتملة لتطور حالة المرض، وانتشاره في إيطاليا.
وفي يومنا هذا تدخل ايطاليا يومها الثاني والعشرين من دخول فيروس كورونا على أراضيها، الذي بدأ في الانتشار في أوائل شهر فبراير، وتعيش إيطاليا الآن حالة من الحجر الصحي من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، وقد ارتفع عدد الإصابات بشكل بشع في الساعات الأخيرة، كما أن حالات الإصابات الآن تجاوز العشرين ألف مصاب، وما يقارب ٩٠٠ حالة وفاة.
ويضيف الدكتور “حسين” مؤكداً على أن الحجر الصحي هو الوضع المسيطر على كافة أنحاء إيطاليا في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الحجر الصحي في البداية كان مقتصراً على بعض المقاطعات الشمالية، أما الآن فالوضع اختلف كثيراً، ويمكن الذكر بأن المواطنين يستجيبون بشكل واضح لكافة القرارات التي تصدرها الحكومة؛ حيث شعر هؤلاء المواطنون بالذعر خاصةً بعد إعلان منظمة الصحة العالمية بأن وباء كورونا أصبح وباء عالمي، مما يشكل خطراً على صحة الجميع؛ لذلك فقد التزم الجميع بما تفرضه الدولة.
وتشمل تدابير الحجر الصحي تحديد نوع الحياة التي يقوم بها المواطن ككل، ويذكر منها الدكتور “جلوس”:
- الالتزام بالبقاء في المنازل.
- تجنب السفر، والانتقال من مناطق إلى أخرى.
وإذا كان الشخص بحاجة ضرورية جداً للخروج، فيمكن ذلك ولكن في حدود مدينته، سواء للتبضع أو لشراء احتياجاته، كما وقامت بعض المحلات التجارية بتفعيل خدمة إيصال المنتجات إلى المنازل، وهذا يساعد كثيراً على عدم خروج الأشخاص من منازلهم، كما ويطمئن الناس بأن الحياة تسير بشكل طبيعي نوعاً ما.
واقرأ من موقع المزيد: ما هي طرق الوقاية من فيروس كورونا
وفي سياق متصل يؤكد الدكتور “حسين” على أن عدم الخروج من المنزل يعتبر بمثابة أقوى وسيلة يمكن من خلالها الحد من انتشار هذا الفيروس الذي يعتبر سريع جداً في الانتشار، ولكن هذا لا ينطبق على الأشخاص المضطرين للخروج، ولكن مع الالتزام بالطرق التي باتت معروفة للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، منها:
- الحرص على غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقلّ عن عشرين ثانية متواصلة، ومساعدة الأطفال على غسل يديهم جيداً أيضاً، وفي حال عدم توفّر الماء والصابون يمكن استخدام أحد مطهرات اليدين التي تحتوي على الكحول.
- الحرص على تغطية الأنف والفم عند العطس أو السعال باستخدام المنديل، والتخلّص من المنديل المستخدم في المكان المخصّص للقمامة.
- تجنّب تناول الأطعمة غير المطبوخة بشكلٍ جيد، أو الأطعمة المحضّرة في ظروف غير صحيّة.
- الحرص على غسل الخضار والفواكه بشكلٍ جيد قبل تناولها.
- تجنّب لمس العينين، والأنف، والفم، قبل غسل اليدين بشكلٍ جيد.
- الحرص على إبلاغ أحد المراكز الصحيّة في المنطقة في حال ملاحظة أعراض الإصابة بالفيروس على أحد الأشخاص.
- تجنّب الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين بالمرض مثل مشاركة الأواني، أو الاتصال الجسدي المباشر.
- الحرص على تنظيف وتعقيم بعض الأسطح التي تتعرّض للّمس من قِبل العديد من الأشخاص بشكلٍ مستمر مثل مقبض الباب.
- مراجعة أحد المراكز الصحيّة في حال ملاحظة ظهور بعض أعراض الأمراض التنفسيّة في حال السفر إلى أحد مناطق انتشار الفيروس.
ويشير الدكتور “حسين” إلى أنه في إيطاليا الآن تقوم بعض العربات “البلديات” بالانتشار في الشوارع وإخبار المواطنين من خلال ميكروفونات بأهمية الالتزام بالبقاء في المنزل، وتؤكد عليهم بالإبلاغ في حالة احتياج لأي مساعدة مهما كان نوعها.
وأخيراً، فيجب أن ندرك أن الاستخفاف هو العامل الأساسي والرئيسي لانتشار هذا المرض، وهذا الاستخفاف لم يكن فقط من قبل المواطنين، ولكنه كان أيضاً ظاهراً من قبل بعض الدول الأوروبية الأخرى غير إيطاليا، وهذا يمكن اعتباره السبب في انتشار هذا المرض بشكل واسع.