مع اقتراب عيد الأضحى وحلول نفحاته الطيبة المباركة على العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها يكثر الحديث عن العيد وعن أيامه الطيبة ونسماته العطرة، وعن آدابه وسننه ومستحباته وما يكره فيه وغير ذلك مما يرقى بوعي المسلم بمقدساته ومناسباته الدينية الغالية ويعينه على استغلال تلك المناسبات على الوجه الأمثل ليستشعر معها قيمة السعادة والبركة والخير ويجتهد في ادخار الفضل والثواب والأجر لليوم الآخر، ولا عجب فإننا مأمورين بأن نذكر أنفسنا وغيرنا لعل الذكرى تكون نافعة ومجدية، وتدلنا على ما نغفل عنه أو نسهو عنه في خضم انشغالنا وازدحام حياتنا، والله الموفق والمستعان.
وهنا وبما أننا مقبلون على عيد الأضحى المبارك ولا تفصل بيننا وبينه سوى أيام فإننا يسعدنا أن نستفيض في الحديث عنه والتعبير عن فضائله ومقاصده الجليلة وخصوصيته الغالية، فتابعو مقالنا بعنوان (عيد الأضحى فضائل وشمائل)، دمتم بخير ودامت أعيادكم مليئة بالبركة والرضا والعطاء.
فضائل عيد الأضحى
لعل عيد الأضحى المبارك من الأيام الغالية والطيبة التي تتوق إليها نفوس المسلمين في شتى بقاع الأرض، حيث أنه يوم مبارك يجمع بين كونه فرصة رائعة للتقرب إلى الله بألوان البر والعمل الصالح وادخار الثواب والمعروف وما ينطوي عليه ذلك من تحصيل الفضل والأجر من الله، وكونه يوم فرح وسرور ورخصة للترويح عن النفس بالخروج والاستراحة من العمل ولقاء الأحباب والأصحاب، والاستمتاع بتبادل الزيارات وصلة الأرحام فضلاً عن مظاهر البهجة التي تتمثل في لبس الجديد والتباهي بنعم الله والظهور بأجمل مظهر يمكن للمسلم أن يظهر به.
ولعلّ الحديث عن فضائل عيد لأضحى المبارك وشمائله طويل وعميق لمن يتدبر ويحسن التأمل، غير أننا في مقالنا هذا سوف نتعرض لغيض من فيض من تلك الفضائل والتي على رأسها ما يلي:
١. عيد الأضحى فرصة حقيقية للتكافل بين المجتمع الإسلامي الواحد
إن عيد الأضحى والذي سمي بتلك التسمية نسبة إلى أهم ما يميزه وهو النحر وتقديم الأضحية فيه لله عز وجل بنية التقرب إليه واتباع سنة نبي الله إبراهيم، وتيمنا بنبي الله اسماعيل عليهما وعلى نبينا أفضل السلام، هو فرصة حقيقة ورائعة تتجلى فيها معاني التكافل الاجتماعي والتواد والتراحم بين كافة طوائف وطبقات المجتمع الإسلامي.
فحين يضحي المسلم في هذا اليوم المبارك يوزع أضحيته بين أهل بيته وأقاربه فيكون في ذلك ما فيه من إدخال السرور والتهادي، والتعبير عن المودة وصلة الرحم والتوسعة عليهم، كما يبقي للفقراء والمساكين وذوي الحاجة نصيبهم فيكون في ذلك معنى التراحم والرفق وإشعارهم بالاكتفاء والسعة والرفاهية، وجبراً لخواطرهم وحرمانهم الذي غالباً ما يطول مداه وتعجز عن دفعه أياديهم، فيكون من فضل الله عليهم أن يسبب لهم اخوانهم فيمدونهم بالفضل، وهذا لعمري من أعظم فضائل هذا اليوم الطيب.
٢. عيد الأضحى من خير أيام الله عز وجل
العشر الأوائل من شهر ذي الحجة المبارك جميعهم من خير أيام الله عز وجل فقد أقسم بهم وعلمنا النبي “صلى الله عليه وسلم” أن العمل فيهم أحب إلى الله من العمل في غيرهم، وأن الثواب فيهم جزيل والأجر مضاعف، وإن كان هذا حال جميع الأيام العشر فإن يوم عرفة ويوم العيد أفضلهم وأكثرهم بركة.
ففي الأول تكون وقفة الحجيج بجبل عرفة والذي هو الركن الركين الذي لا يتم الحج إلا به والذي ينطوي على معاني التسليم والتعظيم لله عز وجل والتجرد من متاع الدنيا والإقبال لتلبية أمره وفي هذا ما فيه من الفضل والخير الذي يحبه الله عز وجل ويباهي به ملائكته، والثاني هو يوم النحر الذي يطعم في الطعام وفيه توصل الأرحام ويشبع المحرومون.
٣. عيد الأضحى هو يوم الحج الأكبر
يطلق على عيد الأضحى يوم الحج الأكبر حيث يكون تتمة مناسك الحج وفيه يقوم الحجيج بالكثير منها ففيه رمي جمرة العقبة، والنحر وفيه أيضاً يكون التقصير أو الحلق فضلاً عن الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة، ولكل من تلك الأعمال المباركة الصالحة فضلها عند الله عز وجل وثقلها في الميزان وشرفها مما يزيد اليوم تشريفا وتكريماً وفضلاً.
٤. يمتد فضله وخصوصيته وبركته طوال أيام التشريق
ان يوم عيد الأضحى لا ينتهي فضله بنهاية يوم العيد بل يمتد لأيام التشريق التالية، حيث يتم الحجيج مناسكهم، ويستطيع المسلمون القيام بنحر أضاحيهم في اليوم الثاني أو الثالث ما لم يتمكنوا من النحر في اليوم الأول، وتظل نفحاته العطرة تهل على القلوب مع كل صلاة مكتوبة تشهد تكبيرات العيد حتى آخر أيام التشريق.
وفي الختام
كان هذا مقالنا الذي استعرضنا فيه طرفا من فضائل عيد الأضحى المبارك وشمائله الطيبة التي تظلنا وتشمل أيامنا وتسعد بها قلوبنا نحن المسلمون، والتي ينبغي أن نشكر الله عز وجل عليها حق الشكر ونكثر فيها من الدعاء والذكر، سائلين الله العظيم أن يديم علينا نعمة الأعياد ويعيدها علينا باليمن والخير والبركات ويمتعنا والمسلمين جميعاً بأطيب الأوقات، وأن يرزقنا حج بيته الحرام ويجعلنا من المقبولين.. عِيد أَضْحى مُبارك!
ويجدر بنا أن نذكر أنفسنا واخواننا بوجوب الرفق بالفقراء والإحسان إلى المحرومين والمحتاجين في هذا اليوم العظيم، فإن جبر الخواطر وقضاء الحاجات من أرقى وأجل الأعمال، وأحب العبادات إلى الله عز وجل، والتي تحل بركتها بالمسلم وتبقى ثمرتها أمداً طويلاً.