بعد الصلاة والسلام على خير الخلق وسيد الأنام، فإننا نحمد الله عز وجل على فضله وعظيم منته ولطفه بنا أن جعل لنا ثلاث أعياد تتعهدنا على مدار العام، فتخلف لقلوبنا السكينة والطمأنينة والسلام، وتبدل أحوالنا ونجد فيها مستراحاً لأبداننا وقلوبنا معاً.
فأمّا أولها فعيد اسبوعي يزورنا كل اسبوع ويحل علينا بالبركة والنفحات والفضائل، وهو عيد الجمعة.
وأما ثانيها فهو عيد الفطر الذي يحل علينا بعد شهر من الطاعة والعبادة بين الصلاة والصيام وتلاوة القرآن والقيام ليتوج الله به أعمالنا ويجعل لنا مكافأة طيبة يستشعرها كل متلبس بالطاعة، ومجاهد لنفسه ومخالف لهواه، وثالثها هو عيد الأضحى الذي يأتي بعد الانتهاء من أداء فريضة الحج المعظمة ليحمل لنا معه الكثير والكثير من النفحات والبركات والعطايا الربانية والمنح الإلهية لكل مسلم موحد.
وهنا يسرنا أن ينصب حديثنا عن عيد الأضحى وعن (أمور يستحب فعلها يوم عيد الأضحى)، لنذكر بها أنفسنا ونذكرك بها عزيزي القارء حرصا منا على تحصيل النفع والبركة والأجر، فضلاً عن سعادة الدنيا ونعيم الآخرة، فتابع مقالنا لنتعرف معا على أهم المستحبات التي يجدر بالمسلم فعلها.
متى يكون عيد الأضحى؟
يأتي عيد الأضحى المبارك يوم العاشر من شهر ذي الحجة بعد قيام الحجيج بأداء ركن الحج الأعظم وهو الوقوف بجبل عرفة، والذي يتم يوم التاسع من ذي الحجة، ثم يفيض الحجاج إلى منى لتقديم الأضاحي ويتبعهم في ذلك المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها حيث القيام بسنة النحر اقتداء وتيمنا بسيدنا اسماعيل عليه السلام، وتنتهي أيام عيد الأضحى يوم الثاني عشر من ذي الحجة حيث يطلق على الأيام الثلاث العاشر والحادي عشر والثاني عشر أيام التشريق.
أمور يستحب فعلها يوم عيد الأضحى
أيام الأعياد هي أيام عظيمة البركة واسِعة النفحات والعطايا ينبغي على المسلم الفطن أن يحرص على اتيان الخير فيها والعمل على كل ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يحرص على اتيان كل ما هو مستحب وما يثقل ميزان حسناته ويعمم النفع على حياته، ومن ذلك أن يعرف ويحرص على مستحبات يوم العيد بصفة عامة ويوم عيد الأضحى بصفة خاصة وما يتعلق به من أمور. ولعل من اهمها ما يلي:
١. إحياء ليلة العيد
ليلة العيد من أعظم الليالي بركة حيث تأتي بين يوم عظيم مبارك وهو يوم يشهد الوقوف بجبل عرفة وما فيه من النفحات الطيبة التي تعم الكون كله بفضل إقبال المسلمين على ربهم وتركهم ديارهم وأهليهم وذويهم افراداً له عز وجل بالطاعة والتسليم، وبين يوم العيد المبارك بما فيه من الفرحة والبهجة والسرور، فهي مظنة البركة والقبول واحياؤها يكون بصلاة العشاء في جماعة وصلاة الفجر في جماعة وقيام ما تيسر والدعاء بالخير والبركة وغيره من صالح الأعمال.
٢. التكبير
من سنن العيد ومستحباته التكبير وأن يبدأ التكبير من ليلة العيد وأن يستمر حتى انتهاء أيام التشريق دبر كل صلاة.
٣. التطهر ولبس الجديد
ولأن العيد مظنة البهجة والفرحة والسرور ولأن ديننا الحنيف أمرنا بأن نأخذ برخص الله عز وجل وأن نغتنم نفحاته فإن لبس الجديد ومس الطيب واختيار أفضل الثياب، من أهم مستحبات عيد الأضحى وآدابه، والتي تكتمل بالاغتسال والتطهر والاستعداد للخروج وملاقاة الاخوان في صلاة العيد على أفضل هيئة ممكنة، وقد أخبرتنا السنة النبوية المطهرة أن نبينا كان يتخذ له ثوباً مفضلا للجمعة وللعيد، لذا يجب علينا أن نحرص على ذلك بقدر الإمكان.
٤. التبكير بصلاة العيد وأداؤها في جماعة
من خصوصية الأعياد لدينا نحن المسلمين أن سنت لها صلاة خاصة بها، وهما ركعتان يليهما خطبة العيد. ومن المستحب في حق كل مسلم أن يبكر لصلاة العيد وأن يشهدها ويشهد خطبتها مع اخوانه من المسلمين ففي هذا إقامة للسنة واجتماع على الخير.
وعليه تبادل التهاني والسلام والمباركات وتأليف للقلوب وتعظيم لفرحة العيد ونشر لها، حتى أنه يستحب في حق النساء حضورها شريطة الالتزام بالضوابط الشرعية من الاحتشام والستر وغيره.
٥. الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر
الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر هو مظنة الالتقاء بعدد أكبر من الناس وتبادل السلام وطيب الكلام والدعوات معهم لذلك فهو يأتي ضمن الأمور المستحبة.
٦. التعجيل بذبح الأضحية
إن في ذبح الأضحية سعادة غامرة وتحقيق لأمر الله عز وجل، وتوزيعها على الفقراء والمساكين لون من أعظم ألوان البر، وكما يقولون أن خير البر عاجله فمن المستحب أن يبكر الإمام بذبح أضحيته فور انتهاء صلاة العيد وخطبتها ويتبعه المصلون، ولعل الذبح في اليوم الأول أفضل من الذبح في اليوم الثاني أو الثالث ما لم تقتضي الضرورة ذلك.
٧. صلة الأهل والأرحام والفقراء
يستحب للمضحي أن يوزع من أضحيته على أهل بيته وذوي رحمه والفقراء والمساكين والمحتاجين، وأن يحرص على ادخال السرور على قلوب المسلمين وأن يصافي كل من كان بينه وبينه مشاحنة أو عداوة أو خلاف.
٨. الإكثار من ذكر الله عز وجل
من أعظم أنواع الشكر له على نعمه وفضائله التي لا تعد، وكرمه الذي لا يحد وعلى بلوغ العيد والتوفيق إلى الأضحية وقضائه في صحة وعافية بلا مكدر ولا منغص أن يحرص المسلم على ذكر الله في جميع أوقاته وحالاته ليعظم أجره.
وفي الختام
يجدر بنا نحن المسلمون أن نحمد الله عز وجل على جميع عطاياه وأن نحسن إلى أنفسنا في الأعياد بفعل كل ما يجلب لنا النفع الدنيوي والأخروي.